بسم الله الرح'ـمن الرح'ـيم
الح'ـمد لله رب العآإلمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد
وعلى آله وأصحآبه الكرآم أجمعين ومن تبعهم بإحسآن إلى يوم الدين ..
آيات و عظات ,, مجموعة مواضيع متنوعة للشيخ صالح المغامسي
و في الاصل هي محاضرة و قد قام موقع صيد الفوائد بتفريغها فأحببت ان انقلها لكم بما فيها من
الكثير من الفوائد و العظات و هذا ما تعودنا منه من الشيح بجميع محاضراته و برامجه
.. اتمنى ان ينال اعجابكم هذا الموضوع ..
● ● ●
و في الاصل هي محاضرة و قد قام موقع صيد الفوائد بتفريغها فأحببت ان انقلها لكم بما فيها من
الكثير من الفوائد و العظات و هذا ما تعودنا منه من الشيح بجميع محاضراته و برامجه
.. اتمنى ان ينال اعجابكم هذا الموضوع ..
● ● ●
آيات وعظات عنوان واحد لمواضيع متنوعات متعددات . نرتوي بها من معين القرآن ونقف على أسراره وننهل من فيض
هذا الكتاب العظيم وأنهاره . آيات وعظات نذكّر بها قلوباً تحن إلى مولاها وترقبه عز وجل في سرها ونجواها .
آيات وعظات نطمع بإذن الله أن نهذب بها أنفس تطمع للمعالي وتنظر بعين البصيرة النافذة في قروناً مضت وأيام خوالي .
آيات وعظات نقدمها في المقام الأول لطلاب العلم وأهله , وللسائرين والسائرات على طريق الله المستقيم , وللمعلمين
والمعلمات والمربين والمربيات الذين جندهم الله جل وعلا ليكونوا دعاة على صراط الله المستقيم .
وإني لأرجو الله جل وعلا أن يرزقنا فيها التوفيق والسداد , كما اسأله جل وعلا أن يجعلها عملاً يراد بها وجهه ,
ويتقى به سخطه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
● ● ●
كما أرجوه جل وعلا أن يجعلها نافعة نافذة قريبة من قول لبيد :
رزقت مرابيع النجوم وصابها *** ودق الرواعد جودها فرهامها
من كـل سـاريـة وغــاد مدجن *** وعـشـيــة مـتـتـابع إرزامـهــا
فعلا فـروع الأيقهـان وأطفلـت *** بالجهلتين ظبـاؤهـا ونعامـهـا
والعِيـن عاكـفـة على أطلائـهـا ***عوذا تأجـل بالفضـاء بهامـهـا
فـاقـنع بمـا قسـم المليـك فإنمـا*** قسم الخلائـق بيننـا عـلامهـا
● ● ●
وإننا بعون الله تعالى سنفصح في أول الأمر عن تلك العناوين , ثم نسأله جل وعلا التوفيق في عرضها .
فعناوين العظات وهن ست : خطيب الأنبياء , قهر الرجال , الصديقة مريم , أعظم الغبن , ماء المحيا , العرش والقلوب .
وهي في المقام الأول كما بينت سلفاً للقائمين بالدعوة إلى الله إذ يرجى منها لقائلها قبل سامعها أن تكون عوناً
في بناء النفس إيمانياً وعلمياً ومعرفياً , وما ذاك ليتم إلا بتوفيق الله العزيز العليم .
● ● ●
الله جل وعلا رحمة بعباده بعث الرسل , وكانوا كما أخبر عليه الصلاة والسلام جماً غفيراً وخلقاً كثيراً , منهم أربعة من
العرب فقط ذكرهن عليه الصلاة والسلام حينما قال لصاحبه أبي ذر رضي الله عنه : ( هود وشعيب وصالح ونبيك يا أبا ذر ) .
وشعيب عليه الصلاة والسلام دل ظاهر القرآن وذهب كثير من العلماء أنه موصوف بأنه خطيب الأنبياء إذ كان يقرع الحجة
بالحجة و يبين لقومه بلسان عربي مبين ما هم فيه من الضلالة وما يدعوهم إليه من الحق ومن تأمل مسلكه في كتاب الله
جل وعلا وطريق دعوته لقومه تبين له إصابة ما ذهب إليه جماهير العلماء من نعته عليه الصلاة والسلام بأنه خطيب الأنبياء .
● ● ●
قال الله جل وعلا : (( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ )) هود : 84 .دعاهم أول الأمر
إلى ما دعت إليه الرسل أجمعون من نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم فلا معروف أعظم من التوحيد ولا منكر أعظم
من الشرك . ثم لما كان حصيفاً عاقلاً خاطبهم بالمنكر الظاهر فيهم غير الشرك وهو : " التطفيف في الكيل والميزان " .
فكانوا قوماً يأخذون الزائد ويعطون الناقص . والداعية الموفق المسدد إنما يخاطب كل قوم بالمنكر الذي هم فيه ,
فربما خطبة جمعة تصلح في مكان ولا تصلح في مكان آخر , وتنفع لحي وقد لا تنفع آخرين في حي آخر , وقد يكون في
مدرسة أو دائرة حكومية ما منكر بعينه يجب توجيه الخطاب إليه غير موجود في دائرة أو مدرسة أخرى . وأنبياء الله عليهم
السلام كل منهم إنما بعد أن يدعوا إلى التوحيد يحذر قومه من المنكرات الشائعة إبّان بعثته بينهم بأمر الله تعالى .
فلما عرض عليهم ما عنده نالوا منه بتهكم وسخرية (( قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي
أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ{87} )) . كلام يراد به الاستفزاز وإخراج الداعية عن طوره , ولكنه صلوات الله
وسلامه عليه بقي صلباً ذا سكينة وهدوء يدرك ما يقول " وما كل من أذن لك يجب أن تقيم له " .فقال لهم صلوات الله
وسلامه عليه دون أن يتغير خطابه قال لهم : (( قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً
وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ{88} )) .
كلمات جميلة في معانيها ومبانيها كما أخبر الله جل وعلا عنه ذكرهم بنعمة الله عليه من النبوة والرسالة وبأنه واضح
المنهج لأنه مؤيد بالوحي وأنه لا يريد التمييز عنهم (( وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ )) فأنا منكم وبكم حتى لايشعر
قومه أنه يريد أن يتفرد بمنصب أو أن يعلو عليهم لأمر أو لآخر فلمّــا أكمل أمره لجأ عليه الصلاة والسلام إلى أسلوبين لابد
لكل معلم ومربي وداعية منهما وهي : أسلوب الترغيب , وأسلوب الترهيب .
● ● ●
فبعد ما عرض ما عنده قال : (( وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ
وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ{89} )) . ذكرهم بأيام الله الخوالي , بأهل القرون الخالية والسنين الغابرة كيف لما خرجوا عن أمر
الله كيف نكّـل الله جل وعلا بهم .وقوله : (( وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي )) إدراك لما في النفس الإنسانية . " إن النفوس إذا
أحبت أحداً أقبلت عليه ولو سقاها العلقم , وإذا أبغضت أحداً أدبرت عنه ولو أعطاها العسل صافياً " . فلما علم أنهم أبغضوه
لأنهم حسدوه على أنه نبي رسول عرف قطعاً أنهم لن يقبلوا منه (( وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ
قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ )) . وهنا تظهر احتمالات ثلاث : إما أن يكونون غير بعيدين عنهم
مكاناً ـ أو زماناً ـ أو صفات , وأراد شعيب الثلاثة كلها , فقوم شعيب كانوا قريبين أرضاً من قوم لوط فكلهم في أطراف الشام ,
وكانوا قريبين زمناً إذ قال المؤرخون ليس بين لوط وبين شعيب كبير زمن ثم إنهم قريبون في الصفات فكلا الفريقين مشركين
بالله جل وعلا شائع فيهم المنكرات في أنديتهم ومجالسهم (( لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ )) ا
لتوبة : 10. ثم لجأ إلى الترغيب بعد أن أخذهم بالترهيب , فقال : ((وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ{90} ))
ذيّـل ذلك الاستغفار بأن ربه جل وعلا رحيم ودود , والله جل وعلا أرأف من ملك وأجل من ابتغي وأوسع من أعطى وأرحم
من سئل . فلا ينبغي لمن يتصدر للدعوة أن يقنّـط الناس من رحمة الله جل وعلا مهما بلغت ذنوبهم ومهما بلغت معاصيهم
قال الله جل وعلا على لسان الخليل إبراهيم : (( قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ)) . وقال الله جل وعلا على
لسان يعقوب : ((إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )) .
● ● ●
فلما استنفذ ما عنده ما زال القوم على إصرارهم لأنهم اختاروا طريق الضلالة (( قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ ))
رغم أنهم كانوا عرباً فصحاء يدركون معاني ألفاظه ولكن كما قلت ضُرب على قلوبهم الران لم يريدوا أن يفقهوا أصلا شيئا
من دعوته )) قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ{91} )) .
وهذا من أعظم الأدلة لمن قال من العلماء أن الدعوة لا بد لها من سلطان يحميها . فالداعية في مكان مخصوص يحسن به
أن يشكل عصبة , والرأي العام أن يكون معه حتى إذا أحتاج إليهم أعانوه في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى .فلجأ عليه الصلاة
والسلام إلى بلاغة الخطاب , حيناً يؤثر وحيناً يغير , (( قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءكُمْ ظِهْرِيّاً إِنَّ رَبِّي
بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ{92} وَيَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُواْ
إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ{93} )) . وصل معهم إلى النهايات قدّم الحجج ذكر البراهين , ذكرهم بالله , رغّب حيناً ورهب أحياناً ومع ذلك
قد كتبت عليهم الضلالة من قبل فنزل العذاب فنجى الله شعيباً والذين ءامنوا معه وأهلك الله أهل الكفر والطغيان (( وَلَمَّا جَاء
أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ{94} كَأَن لَّمْ
يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ{95} )) .
● ● ●
يأتي إشكال علمي في قصة شعيب: ذكر الله شعيب عليه السلام في سورة الأعراف وفي هود وفي الشعراء وفي العنكبوت
وقال في ثلاثة منها : (( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً )) أي بعثنا إلى مدين أخاهم شعيبا , ولكن في الشعراء قال جل ذكره :
(( كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ{176} إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ )) الشعراء . ولم يقل أخوهم شعيب ؟ فذهب قليل من
المفسرين منهم قتادة رحمه الله إلى أن شعيباً المذكور في الشعراء غير شعيبٍ المذكور في هود والأعراف . وهذا خلاف
الصواب وإنما كان ينبغي أن يبحث عن السر الذي من أجله قال الله جل وعلا : (( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً )) ولم في الشعراء
أخوهم شعيب ؟ والجواب عن هذا وقد قال ابن كثير رحمه الله إن هذا من فرائد العلم : أن الله لما نسبهم إلى القبيلة والأرض
وهي (( مَدْيَنَ )) أرضهم وقبيلتهم قال : (( أَخَاهُمْ )) لأنه فعلاً أخٌ لهم فهو ابن الأرض التي نشؤوا بها وابن للقبيلة التي ينتمون
إليها .ولما نسبهم إلى معبودهم نسبهم إلى ما يعبدون من دون الله نسبهم إلى الطاغوت (( كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ )) برأ الله
جل وعلا نبيه من أن يكون أخاً لهم قال سبحانه : (( إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ )) . فبرأه الله جل وعلا من أن يصبغ عليه
صبغة الأخوة بعد إذ نسب أولئك الكفرة إلى ما يعبد من دون الله جل وعلا .
● ● ●
أعظم الدروس من هذه العظة : أن سلاح العلم أعظم ما ينبغي على الداعية الموفق أن يتزود به .
والنظر في أحوال القرآن وأنبياء الله جل وعلا ورسله , ومواقفهم مع أقوامهم من خلال تأمله وتدبره والتفكر فيه يتهيأ للداعية
أن يكون داعية موفقاً مسددا . والكمال عزيز , وكلنا ذو خطأ , وقد قال مالك رحمه الله عذراً رحم به الأئمة من بعده :
" ما منا إلا وراد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر وأشار إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم " .
هذا على وجه الإجمال أولى العظات والوقفات مع خطيب الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه .
● ● ●
أخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يقول في دعائه
( اللهم إني أعوذ بك من الهم والغم وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من ضلع الدين وغلبة
الرجال) وأخرج أبو داوود في سننه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم
المسجد يوماً ورأى رجل من الأنصار يقال له أبو أمامه فقال له – أي النبي صلى الله عليه وسلم – قال لأبي أمامه :
( مالي أراك جالس في المسجد في غير وقت صلاة ) فقال : يا رسول الله همٌ نزل بي وديون لزمتني ، فقال عليه الصلاة
والسلام : ( ألا أعلمك كلمات إن قلتها أذهب الله همّك ) قال قلت : بلى يا رسول الله قال : ( قل إذا أصبحت وإذا أمسيت
( اللهم إني أعوذ بك من الهّم والغم ومن العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)
من الحديثين يظهر أنه صلى الله عليه وسلم تعوذ وأمر بالتعوذ من قهر الرجال .فما قهر الرجال ؟ قهر الرجال في قول كثير
من العلماء : ما يصيب الإنسان من قهر وهم وغم بغلبة انتصر عليه بها وهو يعلم أنه على الحق وخصمه على الباطل .
وأردت بهذه العظة أن أذكر إخواني أن الحياة الدنيا ميدان تنافس فربما غلبت المطامع الدنيوية على العبد فكان سبباً في قهر
أخوانه حتى يصل إلى مبتغاه وأمله فيجعل الطريق إلى مبتغاه وأمله أن يمضي على أكتاف الناس وهذا خلاف اليقين بالله
جل وعلا والإيمان بقضائه وقدره وفيه ما فيه من معارضه قول النبي صلى الله عليه وسلم .
● ● ●
وكنت كلما قرأت أو سمعت هذين الحديثين تذكرت إمام النحاة سيبويه رحمه الله تعالى .سيبويه عليه من الله الرحمة والغفران
فارسي الأصل نشأ في البصرة وكان أول حياته يطلب الحديث فجلس إلى شيخ يقال له حماد بن سند وأخذ يقرأ فمر
على حديث بصرف النظر عن سند صحته فقال سيبويه وهو يقرأ : " أنه ليس من أصحابي أحد إلا ولو شئت لرددت عليه ليس
أبو الدرداء " فأجرى سيبويه وهو يومئذ يطلب الحديث أجرى ما بعد ليس على عمل ليس الأصلي وهو رفع ما بعدها فقال له
شيخه : أخطأت يا سيبويه أنما هو استثناء كان ينبغي أن تقول : " ليس أبا الدرداء" . فأطبق الكتاب وقال : " لأطلبن علماً
لا ينحلني معه أحد " .فلزم شيوخ البادية وعكف عند الخليل ابن أحمد الفرهيدي يطلب منه العلم وأخذ عن غيره من الأقران
كيونس وعيسى بن عمر وغيرهما من أئمة نحاة البصرة آنذاك حتى علا شأنه وهو صغير و تفوق على كثير من طلاب العلم
حتى أصبح وهو في العقد الثالث من عمره إمام البصرة لا ينازعه في إمامة النحو أحد وقبل أن يصل إلى مأساته في تلك الفترة
ألف كتابه [ الكتاب ] ولم يخرجه للناس رغم أن كتابه المسمى الموصوف بالكتاب في النحو ألفه سيبويه في أوائل القرن الثاني
تقريباً وإلى اليوم لم يألف أحد في النحو كتاباً أكمل ولا أعظم من كتاب سيبويه رغم عشرات القرون مما يبين بجلاء أن للرجل
قدم سبق واضحة وعلو كعب في علم النحو وسيأتي الحديث عن الكتاب بعد ذلك.
● ● ●
ثم لما سمع بغداد وكانت يومئذ عاصمة الخلافة وكان أقرانه من الكوفيين كالكسائي وغيره يذهبون إلى بغداد فينالون
حظوة الأمراء وأعطياتهم وشرف المنازل أراد أن يسعى في مرحلة جديدة من حياته، فانتقل من البصرة إلى بغداد ونزل عند
يحي بن خالد البرمكي وزير هارون الرشيد ثم أراد أن يخوض مرحلة جديدة من حياته فلما دخل على يحي أقام يحي مناظرة
بينه وبين الكسائي زعيم نحاة الكوفة وكانت اللعبة السياسة آنذاك بين البصرة والكوفة في أوجها لأن البصرة كانت في السابق
حليفة لبني أمية فلما تغير الأمر السياسي أضحت قلوب بني العباس مع أهل الكوفة أكثر منها مع أهل البصرة ، أقيمت المناظرة
وكانت في حال الاسم الواقع بعد إذا الفجائية فكان سيبويه يرى أن الرفع حال واحدة لا تقبل الوجهين وكان الكسائي
يرى جواز الوجهين الرفع مع النصب فقال لهما يحي : " اختلفتما و أنتما رئيسا بلديكما فمن يحكم بينكما " فقال الكسائي :
" هذه جموع الأعراب ببابك قادمة من كل صقع فجعلها تحكم بيننا " – و كانت الأعراب يومئذ لم تخالطها العجمى - يحكمون
بين النحاة لأنهم على السليقة وكان الكسائي صاحب حظوة عند هارون الرشيد فأراد الأعراب أن يماروا ويجاملوا الكسائي
على سيبويه رغبة في أن الكسائي له منزلة عند الخليفة أعظم رغبة في المال والجاه والأعطيات فلما قال الكسائي ما عنده
وقال سيبويه ما عنده وسيبويه يعلم يقيناً أنه على الحق قالت الأعراب ممن حضروا واحتكموا إليهم : " إن الحق مع الكسائي "
فلما قيلت هذه الكلمة أنقبض خاطره وكُسر ظهره وما جاء من أجله ، فزاده الكسائي نكالاً أن قال ليحي : " أيها الأمير
أصلحك الله إن الرجل قدم يرجوا أعطياتك فهلا جبرته " . فأعطى يحي سيبويه بعض من المال يريد أن يجبر به كسره فخرج
رحمه الله من عنده وقد أصابه من الغم والهم وقهر الرجال ما أصابه يتوارى من الناس من سواء ما لحق به حتى أنه لم يستطع
أن يدخل البصرة بعدئذ رغم أنه رحمه الله كان إذا خرج لصلاة الفجر وهو في الثانية والثلاثين من عمره إذا خرج لصلاة الفجر
سحراً يجد طلاب العلم يزدحمون على بابه يسألونه وهو يجيب كأنه يغرف من بحر فذهب هذا المجد كله وهو قد جاء ليؤمن
مجداً جديداً وعملاً خالداً فذهب إلى قرية من قرى فارس ومر في طريقه على تلميذه الأخفش فبثه شكوه وقال له بنجواه
وأخبره بالقصة ولم يستطع بدنه أن يتحمل ما أصابه من قهر وهم المرض ولم يلبث شيئاً يسيراً حتى توفي وعندما أحتضر
وشعر بدنو الأجل تذكر بيتين من الشعر تناسب حاله وكونه قد ذهب يريد أمراً فرجع بأخر فقال رحمه الله :
يأمل الدنيا لتـبـقــى له *** فوافى المنية دون الأمل
حثيثاً يُروي أصول النخيل *** فعاش النخيل ومات الرجل
ثم أسلم نفسه وفاضت روحه إلى باريها رحمه الله ..
● ● ●
هذا الرجل الذي مات بهذا القهر ترك للناس كما قلت كتابه [ الكتاب ] وهذا الكتاب لا يعرف بعد كتاب لله جل وعلا كتاب شرحه
العلماء أو حاموا حوله أو طافوا ببابه ككتاب سيبويه وترجم بعصرنا هذا إلى أكثر لغات العالم . وجامعة هارفرد الأمريكية وهي
أرقى جامعات العالم أكاديمياً تحتفظ بنسخ منه وتضع شهادات أكاديمية وترقيات علمية فيمن يستطيع أن يبحث في كتاب
سيبويه بل أن نحوي أمريكياً شهيراً أسمه تشومسكي ظهر في هذا العصر كتب في أول حياته في السياسة ثم تفرغ للنحو
وأخرج للجامعات العالم ما يسمى عالمياً [ بالنحو التحويلي ] ونظرية تشومسكي في النحو التحويلي سارت بها الركبان في
هذا العصر وهو حي يرزق الآن في جامعات العالم ما قاله تشومسكي في النحو التحويلي وُجد له أصل في كتاب سيبويه
فقد لفت إليه سيبويه من قبل ألف سنة كما بينا .
كما أنه رحمه الله تعالى ذكر لنا طريقة جميلة في التأدب مع المشائخ و العلماء فقد كان شيخه الأول الخليل بن أحمد فكان
حتى يميز الخليل شيخه الأكبر والأول عن غيره يقول رحمه الله في الكتاب: " زعم عيسى بن عمر وحدثني أبو الخطاب
وأخبرني يونس "فيذكر أسماء المشائخ فإذا قال : "حدثني " ويذكر الخبر دون أن يقول الفاعل فإنما يقصد في المقال الأول
شيخه الخليل بن أحمد فتأدب معه يرى أن شيخه هذا أجل من أن يذكر وأكبر من أن يسطر أسمه إلا في بعض مواطن في
الكتاب لا تخفى لمن أطلع عليه .ثم أنه ضرب مثلاً في قوة النفوذ العلمي للكتاب : الكتاب الحق الذي تألفه إذا خرج للناس مادته
العلمية تقنع الناس لا ما فيه من تقرير العلماء وأفكار الفضلاء فإن الله جل وعلا لما أنزل كتابه قال في أول صفحاته بعد الفاتحة
(( آلم * ذلك الكتاب )) أي دونكم الكتاب فاقرءوه والله جل وعلا يعلم أنه خالق ولا يقاس به أحد من خلقه لكن هذا منهج لأن
الإنسان إذا أراد أن يؤلف يعنى بمادة الكتاب ولا يعنى بتقديم غيره له حتى يكون الكتاب أوقع في النفوس وأملأ لليد ويحتف به
الناس فسيبويه لم يجعل لكتابه لا خطبة ولا مقدمة ولا خاتمة وقد يقال أنه مات قبل أن يخرج كتابه لكن أين كان الأمر كان
كتابه فريد في عصره وكما قلت ما حصل له دليل من أدلة قهر الرجال .
● ● ●
على أنه ينبغي أن يعلم كذلك كما قلت في الأول أن ميدان التنافس الدنيوي الذي يدفع الإنسان بتصرفات لا يحب أن يعامل بها
كأن يريد أن يصل قبل أن يكتب له الوصول وأعلم أُخيّ أن كنت طالب علم أو عالم أو مربي أن ما كتبه الله لك لن يمنعك منه أحد
وما لم يكتبه الله جل وعلا لك لن يصل إليك أبداً ولو اجتمع أهل الأرض على أن يوصلوه إليك .فالحق الذي لا فريه فيه أن التأدب
مع الأئمة الأعلام والأكابر الماضين إذا ألفت كتيباً فمن قرأ مقدمة الشيخ المختار الوالد رحمة الله في شرح سنن النسائي
الصغرى وكيف ذكر أنه دفعه إلى التأليف أن الناس لم يحتفوا بسنن النسائي وإلا فهو يرى نفسه على علمه وفضله أقل من
أن يكتب أو يؤلف مؤلفاً وذكر أبيات جميلة في هذا تنسب إلى أحد المالكية :
متى تصل العطاش إلى ارتواء ××× إذا استقت البحار من الركايا
ومن يثني الأصاغر عن مراد ××× إذا جلس الأكـــــابر في الزوايا
وإنّ ترفع الوضعاء يــــــــوماً ××× على الرفعاء من أقسى البلايا
إذا استوت الأسافل والأعالي ××× فــقد طابت منادمـــــــة المنايا
هذا على وجه الإجمال ثاني العظات والوقفات مع قهر الرجال .
● ● ●
ذكر الله جل وعلا في كتابه أسماء خمسة وعشرين نبياً ورسولا, ثمانية عشر في سورة واحدة هي سورة الأنعام
وسبعة متفرقون . وذكر من الرجال غير أنبيائه ورسله بأسمائهم الصريحة مثل : تُبع وذي القرنين ولقمان وزيد رضي الله
تعالى عنه , وهؤلاء ليسو بأنبياء ولا رسل على الصحيح أو الأظهر . ولم يذكر جل وعلا في القرآن اسم امرأة إلا امرأة واحدة
هي : مريم ابنة عمران عليه السلام. ذكرها في مواضع متفرقة : ذكرها باسمها الصريح : (وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِي
أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ) . وذكرها بالنعت الجميل : (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ ) وذكرها بالاصطفاء :( يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ
وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ) . فما الذي نالت به مريم عليها السلام بعد فضل الله هذه المنزلة , وهذه العظة قد تكون
للنساء أقرب منها للرجال , نالت الصديقة مريم هذه المنزلة لسببين كلاهما مندرج تحت رحمة الله :
السبب الأول : إيمانها وعبادتها . والسبب الثاني : عفتها وحياؤها .
قال الله جل وعلا : ( وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ
مِنَ الْقَانِتِينَ ) . الله جل وعلا أنشئها أصلاً في ذرية قوم صالحين , وعقلاً ونقلاً البيئة الصالحة تنشئ نبتاً صالحاً .
فليس النبتُ ينبت في جنان * كمثل النبت ينبت في فلاة
وهل يرجئ لأطفـال كـمــال * إذا رضعوا ثُدِّيَّ الناقصات
● ● ●
حنة امرأة عمران نشئت في بيت صالح من سلالة داود عليه السلام وكانت لا تحمل, فجلست ذات يوم تحت شجرة
فجاء طائر فأطعم صغيرة فحنت للولد ونذرت أن رزقها الله ولداً أن تجعله خادماً للرب في بيت المقدس . فحملت بإذن الله
وبقيت على نذرها ونسيت أنه من الاحتمال أن يكون أنثى ( فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ
وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى) أي ما يصلح للذكر قد لا يصلح للأنثى , وما تقوم به الأنثى مختلف عن الأعباء التي حمَّلها الله
للرجال , ولكنها مع ذلك أسمتها مريم أي عابدة الرب . ومن اللحظة التي ولدت فيها مريم عليها السلام أرادت أن يعتني
بها ربها قالت: ( وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) هذادعاء فكان الرد الإلهي :( فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ
وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ). كان نبي ذلك العصر , كفلها زكريا عليه السلام بعد إجراء القرعة.
● ● ●
ونشأت عليها الصلاة والسلام وقد اتخذت موطناً في المسجد يعرف بالمحراب , تعبد ربها وتقنت وتركع وتسجد
وليس لها هم إلا طاعة الواحد الأحد , فلما تهيأت بالعطاء الرباني بما أظهرته لله جل وعلا من تقوى وصلاح . وكانت مع
تقواها وصلاحها محافظة على عفتها وحياؤها , ولا تملك امرأة شيئاً أعز من إيمانها وعفتها وحياؤها أبداً . فخرجت ذات يوم
لتطرد عنها الملالة شرقي بيت المقدس ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا ) فخرجت شرقي بيت
المقدس فإذا بجبرائيل عليه السلام بصورة شاب تام الهيئة , جميل المنظر بهي الطلعة , فتذكرت حيائها أن لا تغرى بهذا
المنظر فذكرته بالله . والإنسان يخاطب الناس بماذا؟ يخاطبهم بخلفيته الثقافية لأنها تخاف من الله ذكرته بالله ولأنها تعرف
معنى التقوى ذكرته بالتقوى : ( قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا ) أي إن كنت تقياً فاتركني في حالي .
فلما نجحت في الابتلاء ولم تتنازل عن حيائها وعفتها قال لها الملك : ( قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا )
فتعجبت : ( قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ) . وقد يقول قائل : كان المفروض عندما بشرها بالولد أن
تعرف أنها ستتزوج لأنه لا ولد إلا من زوج , لكن الذي دعاها أن تفكر في أنه لن يكون من زوج أن الملائكة قالت لها من قبل :
( إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ) فنسبوه إليها ولم ينسبوه إلى أب فعلمت أنها لن تتزوج :
( قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ) فأخبرها أن أرادة الله لا يمنعها شيء أبداً:
( قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ ) . ولو أن الناس فقهوا هذه الآية فقط لما يأس أحد وهو يرفع دعاءه إلى الله جل وعلا , إن الله إذا أراد أن
يرحمك لن يمسك رحمته أحد , وإذا أراد الله جل وعلا أن يمسك عنك رحمته عياذاً بالله لن يرسل تلك الرحمة أحد
( مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا ) . وغاية الأمر أن جبرائيل عليه السلام نفخ في جيب درعها فوصلت النفخة
إلى رحمها فحملت بعيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام .
● ● ●
معشر المؤمنات على وجه الخصوص وأيها المؤمنون على وجه العموم في عصرنا هذا : عن أم سلمة رضي الله عنها أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( سبحان الله ماذا أنزل الله الليلة من الفتن ) . فكأنه عليه الصلاة والسلام ربط الفتن
بالسماء , وعصرنا هذا ذاعت فيه القنوات الفضائية وشاعت , وهي في أكثر ما تمليه وغالب ما تعطيه تصرف شباب الأمة
وفتياتها عن طاعة الله جل وعلا , في تحدي لا يسع أحد يدعوا إلى الله جل وعلا أن يسكت عنه . وإن مسؤولية تلك القنوات
يقع على الأمة بأسرها , يقع على سائر الحكام والسلاطين من غير استثناء , يقع على العلماء والدعاة , ويقع على أهل
الثراء , ويقع على العامة . أما وقوعه على السلاطين والحكام : فإنه ينبغي أن يكون هناك قراراً سياسياً على مستوى الأمة
يمنع ما تمليه تلك الفضائيات . وأما على مستوى العلماء : فإنه ينبغي على العلماء أن يبينوا ليلاً ونهاراً خطر ما تبثه تلك
القنوات من إشاعة الفاحشة بين المؤمنين . وأما على مستوى أهل الثراء : فأن كثيراً من تلك القنوات إنما يقوم على
الزخم المادي الذي يعود إليهم من خلال الإعلانات . وأما ما يقع على العامة : فأن المسؤولية يوم القيامة مسؤولية فردية ,
والله جل وعلا سيسأل كل أحد عن تقصيره وفعله وسمعه وبصره وفؤاده . حتى كتب قبل أيام في أحد الصحف أن أحدى
القنوات عياذاً بالله في يوم الحج الأكبر في يوم العيد عرضت فيلماً يصور مشهد اغتصاب لممثلة قد أفضت إلى ربها فالقائمون
على تلك القنوات والمنتجون لتلك الأفلام لم تسلم منهم امرأة ميتة ولا امرأة تائبة ولا امرأة معتزلة لكبر سنها . فما أن
نطق أحداً بالعوراء ويجهر بالفحشاء إلا ويتلقفونه في تسابق مذموم يريدون أن يصرفوا همم شباب الأمة وشاباتها عن صراط
الله المستقيم . وإيضاح هذا الأمر للناس أمر قرآني بحت قال الله جل وعلا : ( وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ ) .
● ● ●
لكني أقول وقد قلت في الأول إن الخطاب لنخبة من المجتمع أن علينا أن نعرف كيف ننقذ بناتنا وأبنائنا من شر تلك الفتنة :
إن الغريق يحتاج إلى طرف الحبل , ومن الحماقة أن يرخى للغريق بالحبل كله , لأنك إذا رميت للغريق بالحبل كله صار طرفاه
بيده فيبقى غريقاً كما هو , لكن شيء بيده وشيء بيدك . فيكون التعامل مع الشباب والشابات من غير أن نقطع الطريق
معهم , ولا نطلب منهم أن يكونوا حالاً واحدة نقبلها أو حالة أخرى نرفضها وإنما لا نيأس ونبقي على خطوط الاتصال
الدعوي معهم ونبعدهم عن الرذيلة شيئاً فشيئاً . نعنى بالإيمانيات أكثر من الفقهيات , نضع بدائل حتى ننتشلهم من
أوحال الرذيلة , تطالب الدولة وفقها الله وأهل الثراء من أهل القطاع الخاص بتوفير فرص عمل لهم حتى يكون وقت الفراغ لهم
بالنسبة إليهم قليلاً , كل ما يمكن صنيعه لهم أمر نتحمل جميعاً مسؤوليته حتى نبقي على عفاف بناتنا وعلى حياء أبناءنا
فإذا بقي لبناتنا حيائهن وعفافهن ولأبنائنا تمسكهم بدين الله جل وعلا حفظت الأمة في أعز ما تملك وهم شبابها وشاباتها
الذي تؤمل منهم الأمة أعظم مما يدخره أولئك الفجرة لهم .
● ● ●
الغبن لوعة في الصدر وحسرة وحرقة في القلب يجدها الإنسان على فوات مطلوب أو ذهاب مرغوب .
وأهل الدنيا تصيبهم حالات الغبن إذا فقدوا شيئاً دنيوياً إما تجارة كانوا يأملونها أو عطاء لم يحضروا تقسيمهأو ما شابه ذلك.
وأهل الآخرة سلك الله بي وبكم سبيلهم إنما يصيبهم الغبنعلى أمور ربطها النبي صلى الله عليه وسلم وكتاب الله بأحوال :
فمن أعظم الغبن أن يقول الله عز وجل : (( وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِتَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ
يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ )) سورة المائدة. ويكتب للإنسان أن يقرأ القرآن سراً وجهاراً وليلاً ونهاراً أزمنة مديدة
وأياماًعديدة ولا تفيض عيناه مع أن الله يقول : (( إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِنقَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً{107}
وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا{108} وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً{109} )) سورة الإسراء .
● ● ●
ومن أعظم الغبن أن يدرك الفرد منا أبويه , أحدهما أو كلاهما وهما أحوجالناس إليه , فلا ينال ببرهما الجنة والنبي صلى
الله عليه وسلم يقول : ( إلزمهمافثم الجنة ) , والله جل وعلا يقول : (( إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا
أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُللَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً{23} وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً{24} ))
ومن أعظم الغبن أن يخرج الإنسان حاجاً إلى بيت الله الحرام,والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( أنا عند ظن عبدي بي)
فيكتب له أن يقف في يوم عرفة ويدعوا الله ويغلب على ظنه بعد ذلك أن الله لن يغفر له .
ومن أعظم الغبن أن يقول الله جل وعلا : (( وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍمِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ )) سورة آل عمران ,
فيخبر الله أنها جنة عرضها السموات والأرض ولا يجد أحدنا فيها موضع قدم.
ومن أعظم الغبن أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن من انطبقت عليهم الصخرة فتوسلوا إلى الله جل وعلا بصالح
أعمالهم , هذا ببره وهذا بعفته وهذا بأمانته , فتنزل على أحدنا النوائب وتحل به المصائب وتدلهم عليه الخطوب ولا يجد في
سالف أيامه عملاً صالحاً يتوسل به إلى الله.
● ● ●
وإن من أعظم الغبن أن يصدر الإنسان بين الناس ولا يكون له سريرة تعدل ما يجهر به .
نعوذ بالله من الخذلان . اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين وكلنا اللهم إلى رحمتك وعفوك
● ● ●
تقول العرب:
فكن رجلا رجله في الثرى ..... وهمته فوق هام الثريــــــــا
فإن إراقـــة مـاء الحيـــــاة ..... دون إراقــــة مـاء المحيــــا
ماء الوجه يرتبط بحالة الإنسان النفسية ،فكلما خلا الإنسان من الهم والغم ومن غلبة الدين وضيق الهموم كان وجهه صافيا .
وقلة ذات اليد وغلبة الدين والفقر بوجه عام ليسعيبا قادحا أبدا لأنه مسألة قدرية . فالله جل وعلا يقول : (( يبسط الرزق
لمنيشاء ويقدر )) وقال سبحانه : (( ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض)).فلا يمكن أن يُقدح في أحد لأنه كان فقيرا
أو قليل ذات اليد . واقصد بماء المحيا: أن الكبار من الرجال والأفذاذ من الأحرار والأعزاء من العباد يعلمون أن من حولهم من
الأهل والقرابة والإخوان والأصحاب والخلان قد يكونون قليلي ذات اليد ، ويمنعهم إبائهم وشيمهم وعزتهم أن يسألوا الناس ،
فيحاول ذلك القيّم ذلك الأخ ذلك الأب ذلك المربي أنيحفظ على محيا أخيه أن يبقى محفوظا ، فيعينه دون أن يخدش حياءه .
لأنه يعلم أن الاستجداء والإلحاح في الطلب أمر غير مقبول .
● ● ●
فقدكان جرير مثلا أحد رموز الشعر العربي في عصر بني أميه ، ولا يختلف أحد في أنه كان ذائع الصيت ولديه من
القدرة الشعرية ما لديه.لكنه مع ذلك لما استجدى بشعره وألحّ في الطلب وأراق ماء وجهه في سلاطين الخلفاء
نزلت منزلته عند الناس . دخل على عبد الملك بن مروان ليقول له:
أتصحوا أم فؤادك غير صاحي ..... عشية هم صحـــبك بالرواح
تقول العــــاذلات علاك شيب ..... أهذا الشيب يمـنعني مــراح
يكلفني فـــؤادي من هـــواه ..... ضعــائن يجتزعنعلى رماح
عرابـــا لم يدن مع النصـــارى ..... ولم يأكـلن من سمك القراح
ولا خلاف في جمال المطلع ثم ينزل ليقول :
تعـــــزّت أم حــزرة ثــم قـــالت ..... رأيت الـــواردين ذوو امتيــاح
تعــــلل وهي ساغبــة بنيهــــا ..... بأنفــــاس من الشبب القراح
أغثنــــي يا فداك أبي وأمــــي ..... بسيب منك أنك ذو ارتيـــــاح
سأشكر إن رددت عليّ ريشي ..... وأنبت القوادم من جناحــــي
● ● ●
فأقول :إن العقلاء لا يرضون هذا بمن حولهم ، والنبي صلى الله عليه وسلم أسوة في كل خير ، فلما شعر عليه
الصلاة والسلام بقلة ذات اليد عند جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما في سفر له قال عليه الصلاة والسلام لجابر :
( أتبيعني جملك ؟ ) قال : نعم يا رسول الله بكذا وكذا ، فاتفقا على السعر واشترط جابر أن يركب الجمل حتى يصل إلى
المدينة فوافق النبي صلى الله عليه وسلم فلما قدم إلى المدينة أمر صلى الله عليه وسلم بلالا أن يعطي جابرا ثمن
الجمل ثم رد الجمل إلى جابر فكأنه أعطاه المال منحة وهبة لكن جعل مسألة البيع مدخلا نفسيا
إلى قلب جابر دون أن يخدش عزته وحياءه .
● ● ●
والمرأة اللبيبة إذا شعرت أن إحدى جاراتها أو زميلاتها أو قريباتها قليلة ذات اليد انتهزت فرصة يتهادى النساء فيها في الغالب
كأن تضع المرأة مولودا أو تزف ابنة لها أو تنتقل إلى دار جديدة أو ماشابه ذلك فتأتي بالهدية على مستوى أعلى حتى
تسدد شيئا من فقر قريبتها أو غيرها من النساء دون أن تخدش وأن تجبر صاحبتها على أن تطلب ذلك الأمر جهارا .
● ● ●
وينبغي على الآخرين على الذين نهبهم ونعطيهم إذا قُدر لنا ذلك أن لا يصيب الإنسان مضاضة في ذلك الأمر فإن الإنسان
إذا أخذ مالا دون أن يطلبه فقد وافق السنة ، فقد أخرج مسلم في الصحيح من حديث سالم ابنعبد الله ابن عمر عن أبيه
عبد الله ابن عمر عن جده عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى عمرا مالا فقال :
يا رسول الله ! إن في المدينة من هو أفقر مني ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر : (يا عمر ما جاءك من هذا المال من
غير أن تكون مشرفٍٍ له ولا سائل فخذه وتموله فإما أن تنفقه على عيالك وإما أن تهبه لغيرك وما كان لا فلا ) .
أي : ما لم يأتك فلا تطلبه ولا تسأله . قال سالم : فكان أبي ، أي : عبد الله ابن عمر لا يسأل أحدا شيئا وإذا أحد أعطاه قبله.
وقد ثبت أن عبد الله ابن عمر رضي الله عنه قبل أعطيات الحجاج بن يوسف رغم ما عرف عن الحجاج واشتهر أنه رجلا ظالما
غشوما , وربما كانت غالب أمواله ليست من طريق سليم شرعي.
● ● ●
والمقصود منه : أن حفظ الإنسان لإخوانه وخلانه ومراعاته لشؤونهم وتحمله لهم ماديا ومعنويا مما يكتب له
به الأجر ومما يدل على السؤدد والمروءة وعلو القدر. وكلنا إن شاء الله طالب تلك الرفعة الدنيوية المشروعة .
● ● ●
عرش الله جل وعلا سرير ذو قوائم تحمله الملائكة . وهو أعلى الموجودات وأعظمها قدرا وأطهرها ذاتاً ،ولذلك صلح أن
يستوي الله عز وجل عليه استواء يليـق بجلاله وعظمته ، مع يقيننا أن الله مستغنٍ عن العرش وعن غير العرش لكنه
قال سبحانه وهـو أصدق القائلين : (( الْرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اْسْتَوَى )) . وأخبر سبحانه أن هذا العرش العظـيم هو ربـه
جل وعلا فقال سبحانه : (( قُلْ مَنْ رَبُّ الْسَّمَـوَاتِ الْسَبعِ ورَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم)) وقال جل ذكره : (( الله لاَ إِلَهَ إلا هُو
رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم)) وقال سبحانه : (( وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيد )) . يحمله ثمانية من الملائكة .
إما أن يكونوا ثمانية أفـراد وإما أن يكونوا ثمانية صفوف. قال فريق من العلماء : " إن أربعة من أولئك الملائكة يقولون
سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد بعد علمك وأربعة يقولون سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك " .
● ● ●
الرابط بين العرش والقلوب :
قال ابن القيم رحمه الله : " إن العرش لما طهُر صلُح لأن يستوي الله جل وعلا عليه وخلق الله القلوب فالقلب إذا طهُر
صلح أن يملأ بمحبة الله جل وعلا ومعرفته وإرادته . وأقرب القلوب من العرش ومن الله جل وعلا أكملها طهارة و أعظمها نقاء
وأبعد القلوب عن الله تعالى القلوب القاسية (( فَوَيْلٌ لِلقَاسِيَة قُلُوبُهم مِنْ ذِكـر الله)) " والقلب القاسي :
قال العلماء : " إنه ما من شيء يعذب به العبد أعظم من أن يجعل الله تبارك وتعالى قلبه قاسيا" . وقالوا : " إنه إذا هبّ
نسيم الشوق إلى الله جل و علا أذهب ما في القلوب منالتعلق بالدنيـا وزخرفهـا" . وهذه القلوب التي جعلها الله آنية
أخبر صلى الله عليه وسلم أن لله آنية من أهل الأرض وآنية الله من أهل الأرض قلوب عباده الصالحين
التي ملأها من محبته وطاعته ومعرفته جل و علا .
● ● ●
وحتى يكون الأمر أوضح : فإن الفؤاد هـو عمق الدائرة النفسية كمايقول علماء النفس وهذا له شاهد من القرآن فإنه ينبغي
عليك أن تتذكر كل آنٍ و حين أن الله جل و علا خلق النار ليذيببها القلوب القاسية قال سبحانه :
(( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ * الْتِي تَطَّلِعُ عَلى الأَفْئدةِ * إِنـِّها عَلَيهِمْ مُؤْصَدَة * فَيعَمَدٍ مُمَدَّدَة)) .
● ● ●
كيف يعرف الإنسان أن قلبه لين ؟ يعرفه بطريقين: الأمـر الأول : إجلال العبد لله جل وعلا. الأمر الثاني : متابعة سنة محمد
صلى الله عليه وسلم . كان ابن عمر رضي الله عنهما له غلمان فكان إذا رأى من أحد غلمانه التفافاً على الصلاة وانصرافا
إليها اعتقه حتى لا يحول بينه و بين العبادة ، فكان باقي الغلمان يأتون يصلون أمامه وقريباً منه أملا في أن يعتقهم
رضي الله عنه وأرضاه فكان يعتقهم , فجاءه بعض خواص أهله وقالوا له : " ياابن عمر إنهم يخدعونك إنهم يصلون لا لله
ولكن لتعتقهم " . فقال رضي الله عنه وأرضاه:" من خدعنا بالله انخدعنا له " . فإجلاله من الله جل و علا يجعله يقبل
خدعة هـؤلاء الغلمان لأن هـؤلاء الغلمان جعلوا من تعظيم ابن عمر لله تبارك وتعالى وسيلة لنيل مآربهم .
وتلك منزلة عالية أين نحن منها؟
● ● ●
فالطريق الثاني اتباع سنة محمد صلى الله عليه وسلم فإن القلوب اللينة التي فطرت على الطاعة لا يمكن أن تكون
أعطم رقـة وأقوم سبيلا من قلب محمد صلى الله عليه وسلم ولن تنال القلوب تلك المنزلة إلا باتباعها سنته صلى الله عليه
وسلم وعكوفها حول شريعته عليه الصلاة والسلام . وقد يرى الإنسان بعض السنن شيئا يسيرا فلا يريد أن يصنعها ظنا منه
أنه يرقى إلى الأعلى وليس الأعلى ما يوافق هواك وإنما الأعلى حقيقة ما وافق هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
ربمـا يجد المسافر أحيانا حرجا أن يقصر الصلاة في السفر طمعا في الكمال أن يصليها أربعا ولو علم أنه صلى الله عليه
وسلم ما أتم الصلاة في سفر قـط أبدا عليه الصلاة والسلام. فالسنة و الخير و الهدى و السهولة و اللين
في اتباع هديه صلى الله عليه وسلم .
● ● ●
فإذا أجلّ العبد ربه تبارك وتعالى واتبع سنة محمد صلى الله عليه وسلم وغذى قلبه بالذكر وتأمله بالفكر وألهمه الله
عز وجل اليقين وحسن الطاعة وجعل قلبه منزلة لمحبة الله ومعرفته وتلك أعظم المنازل وأعلى المراتب بلا شك .
جعلنا الله وإياكــم من أهلها.
● ● ●
فى الختام اتمنى ان الموضوع نال أعجابكم ..~
و ان شاء الله لنا لقاء آخر مع مواضيع اخرى باذن الله..~
لكم مني أطيب التحاياآ , و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
● ● ●
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شارك بـ رأيك وأترك خلفك بصمة ..~